أحبائي .. العيد يعيدني دوماً إلى الطفولة .. ويحمل معه دوماً ذكريات جميلة .. ويترك في فمي طعم مغامرات وتجارب طفولية كنا نقوم بها ..
ويعني أفلام العيد .. وساحة ( الصليبة ) ( ساحة في مدينة اللاذقية / سورية ) بمراجيحها و ضجيجها و (قليباتها) التي كانت تخطف شجاعتنا عندما يقوم صاحبها بجعلها تدور مسرعة كأنها دوامة من الألوان ونحن بداخلها نخبئ خوفنا الخجول في قلوبنا الصغيرة ..
والعيد يعني سينما العيد التي كانت تعرض أفلامها المصورة محلياً بأبطالها من أشخاص نعرفهم يعيشون بيننا ومنهم عامل في سينما .. أو صاحب عربة متجول .. أو صاحب دكان اللحام ( القصاب )التي كانت تتحول في العيد إلى صالة سينما لعرض إبداعات هؤلاء الفنانين ..
وسط ضجيج أصوانتا المشجعة للبطل وهو يصارع المجرمين ويرميهم أرضاً بطريقة صبيانية مضحكة ..
ويعني شراء الألعاب وخاصة المسدسات التي كانت سلاحنا في ألعابنا التي نتخيل فيها انفسنا رجال شرطة يطاردون المجرمين أو جنوداً ييردون المعتدي ويصرعونه في عقر داره أو فرساناً في ساحات القتال .. ونعيش معارك ونزالات ونطلق من رصاصنا وابلاً يصيبنا ولكن دون أن ينقص منا أحد ..
والعيد يعنى الانعتاق ولو لبعض الوقت من قوانين العودة للبيت والغداء والإلتزام بالواجبات المنزلية ..
يعني تذوق سندويش الفلافل والخس المكبوس والسيلان .. والتفاحية والجوزية والعبيدية ..
العيد كان يعني اللباس الجديد .. والذهاب إلى السينما .. والمشاوير بالسيارة .. او مشياً على الأقدام .. أو استئجار دراجة من (بسكليتاتي) الحي وهو صاحب المهنة الأهم بالنسبة لنا .
و أتذكر دوماً طعم وقت ما قبل المغيب في آخر يوم في العيد .. حيث أحس باقتراب نهاية السعادة والحرية .. فتترك في نفسي شيئاً من الكآبة وبعضاً من الحزن .. لا أزال أتذكر طعمه حتى اليوم ..
واليوم يا احبائي .. تغير العيد .. وطبعاً تغيرنا معه .. ,وأصبحت أرى جوانباً أخرى من العيد لا يراها الأطفال .. أصبح العيد يعني .. تأمين طلبات الأولاد .. وتسديد حسابات كل من يعمل معي من نجارين ودهانين وبلاطين ومهنيين آخرين أستعين بهم في مكتبي الهندسي ..
ويعني ازحام الطرقات قبل العيد واصرار الناس على أن تنهي لهم طلباتهم في العمل جميعها قبل العيد .. ويعني توقف الشحن وتأخر الطلبات وتأخري في تسليمها لأصحابها ..
وتهرّب الزبائن من دفع ديونهم إلى ما بعد العيد .. إلى آخره من قائمة تطول ..
ولكن العيد يبقى العيد .. ويبقى ملاذاً للفرح والسعادة .. وحلماً جميلاً لكل الأطفال .. الذين كناهم .. وأصبحوا اليوم أولادنا .. أكبادنا التي تمشي على الأرض ..
اليوم بالعيد .. أتمنى لكم جميعاً يا أحبائي كل الفرح وكل السعادة ..وأن تكونوا قادرين دوماً في داخلكم على أن تبقوا في الطرف الذي يفرح بقدوم العيد .
لكم كل الحب ..
القائد رامي منزلجي
المفوض الدولي لكشاف سورية